كلمة النّاشر: نحن والعذاب والحرّ
نحن والعذاب والحرّ عايشين لفراخنا...
رحم الله الموسيقار الكبير عبدالوهاب وبلبل الشّرق عبدالحليم حافظ... فربّما لو كانا بيننا اليوم لأشفقا علينا وأنشدا لنا أغنية عن عذابنا في المحافظة على صحّة طيورنا كلّما أحلّ علينا فصل الصّيف.
كلّنا نعرف أنّ فراخنا كانت تعيش أصلا" في الأجواء الباردة نسبيّا" أو المعتدلة والله – سبحانه تعالى – خلق لها هذا الرّيش الكثيف كرداء يحميها من البرد القارس. لكن مع الأسف لا يمكنها خلع ريشها صيفا" ثمّ ارتداؤه شتاء"... أقلّه في أيّامنا هذه... حيث لا أحد يعرف ما قد تكون عليه فراخ المستقبل المهندسة جيناتها والّتي تجري عليها الأبحاث في دهاليز المختبرات الخفيّة.
نحن نعيش اليوم فترة انتقاليّة – أي ترانزيت – من عصر الى آخر... وربّما من حياة الى أخرى...وهذا ما يجعل عملنا المسمّى حاليّا" بضاعة الأرواح أكثر صعوبة وتعرّجا" عمليّا"وعلميّا" واقتصاديّا"...
اننّا نقوم اليوم بانشاء مداجن كبرى في الصّحارى مستفيدين ممّا يقدّمه العلم حاليّا" من امكانيّة تبريد الأجواء – ولو نسبيّا" – لكن هذا التبريد النسبي يبقى دون المستوى المطلوب لراحة الفراخ وصحّتها... لذلك تواجه المربّي مشاكل وصعوبات جمّى كلّما أحلّ عليه فصل الصّيف في مناطقنا الحارّة.
أهم الخسائر الخفيّة الّتي نتكبّدها في فصل الصّيف هي الأمراض غير الظاهرة أي تحت السّريرية فبعض الفيروسات مثلا" قد تحدث فوعات من الأمراض المزمنة الخفيفة جدّا" وغير الظاهرة للمربّي كما بعض الجراثيم المنتشرة دوما" في المزارب كالاي كولاي والكوكوس والسالمونيلاّ وغيرها. ناهيك عن أضرار الكوكسيديا تحت السّريريّة عند فراخ اللّحم...فجميع أو أي من هذه الأسباب قد تكلّف المربّي خسائر مادّية هامة بسبب الانتاج الضّعيف للفراخ البيّاضة وقلّة النّمو عند فراخ اللّحم ومشاكل أخرى غير منتظرة...
والسّؤال هنا الّذي أسمعه دوما": ماذا يمكننا أن نفعل؟ نحارب الطبيعة؟ ...نصلّي الى الله أن يرحمنا ويساعدنا؟
ربّما...لكن ذلك لا يمنعنا من التّصدّي لكلّ شيء حتّى الأحوال الجوّية والتي لا قدرة لنا عليها.
لكن كيف؟
فقط بالعمل اليقظ والدؤوب والابتعاد عن الروتين.
فنحن في أيّام الصيف نصبح مثل الجنود التي تحارب ليلا"...
فالحروب لا تنام كما الجراثيم...
على الأطباء البيطريين والاختصاصيين مراقبة كل شاردة وواردة في القطيع. واذا أمكن احداث برامج معلوماتية خاصة لكل قطيع والتيقّظ الى أي من التغيّرات أكانت انتاجية أو صحية أو استهلاكية والتفتيش عن الأسباب لمعالجتها.
وكما يقول المثل: " عندما يعرف السبب ينتفي العجب."
وفي خبرتي الطويلة في هذا المجال قد تأتي الكثير من الخسائر في القليل من الانتباه الى أهمية الماء...التأكد من حرارة الماء ونظافتها دوما" في المشارب والخزّانات والتأكّد من حسن سير المشارب الأوتوماتيكية وخاصّة مشارب التنقيط والتي يتعرّض بعضها الى الانسداد فينتج عنه قلّة استهلاك الماء في الوقت الّذي يحتاج جسم الفراخ الى مضاعفة استهلاكه...
الماء...الماء...هو أرخص شيء على الاطلاق اذا أحسنّا استعماله وأغلى شيء اذا أسأنا ذلك...
ألا تقول الآية الكريمة:" وجعلنا من الماء كلّ شيء حيّ؟؟"