نماذج تربية الدواجن المتنوّعة في المراعي تُقلّل من خطر الإصابة بإنفلونزا الطيور شديدة الإمراض
أفادت دائرة تفتيش صحّة الحيوان والنبات التابعة لوزارة الزراعة الأميركية (USDA APHIS) أنّ تفشّي إنفلونزا الطيور شديدة الإمراض (HPAI) قد أثّر على أكثر من 52.4 مليون دجاجة مُستأنسة في الولايات المتحدة عام 2022. ووفقاً لخبراء مركز جونز هوبكنز لمستقبل مُلائم، فإنّ التحوّل عن النماذج الصناعية يُمكن أن يُساعد في منع انتشار إنفلونزا الطيور شديدة الإمراض. ويرى المزارعون أنّ نماذج تربية الدواجن في المراعي تُساعد في الحفاظ على صحّة مواشيهم.
يُمثّل تفشي إنفلونزا الطيور شديدة الإمراض عام 2022 الأكثر فتكاً في تاريخ الولايات المتحدة. بلغت الحالات ذروتها عند 6.15 مليون حالة في سبتمبر، ثم انخفضت في أكتوبر. وشهد الفيروس ارتفاعاً آخر في نوفمبر، حيث تمّ الإبلاغ عن ما يقرب من 3.7 مليون حالة. إستجابةً لتفشّي إنفلونزا الطيور عالية الإمراض (HPAI)، نصحت وزارة الزراعة الأميركية (USDA) قطعان الدجاج التي يُمكن الوصول إليها في الهواء الطلق، والمُصنّفة على أنّها مُربّاة في المراعي أو حرّة النطاق، بالحجر الصحّي نظراً لانتشار الفيروس عبر ملامسة الطيور المائية المهاجرة، مثل البط والإوز.
يقول "ريجينالدو هاسليت-ماروكين"، المؤسس المشارك لمزارع التجديد، لموقع (Food Tank): "لا مكان للطيور المائية بالقرب من دجاجنا". يُدير هاسليت-ماروكين شبكة مزارع ومنظمة غير ربحية تُسمى "تحالف الزراعة التجديدية"، والتي تُركّز على توسيع نطاق أنظمة الدواجن التجديدية.
يستخدم نموذج "تحالف الزراعة التجديدية" نظاماً قائماً على الأشجار، حيث يُربّي المزارعون قطعاناً صغيرة من الدواجن باستخدام محاصيل محلّية، مثل البلسان والبندق. يُمكن لأساليب الزراعة المستدامة المحلّية هذه أن تمنع تجمّع المياه في المناطق التي يُمكن للدجاج الوصول إليها، وتُوفر مأوى للدجاج، وتضمن عدم اختلاط الطيور المائية المُعرّضة لإنفلونزا الطيور عالية الإمراض بالدجاج. صرّحت "هاسليت-ماروكين" لموقع "فود تانك" أنّ أساليب تربية الحيوانات التجديدية والأصلية لا تتطلّب جهداً كبيراً، وتُنشئ أنظمة بيئية تُعطي الأولوية لصحّة الطيور. كما تَتبَع بروتوكولات أمن حيوي مُعززة لضمان الشفافية الكاملة في حالة تفشّي المرض.
أفادت الدكتورة "جارا جانيه"، الأستاذة المشاركة في كلية الطب البيطري بجامعة "كورنيل"، والمتخصّصة في أمراض الدواجن، لموقع "فود تانك"، أنّ الدواجن المُستأنسة التي تُربّى للحصول على البيض أو اللحوم معرّضة دائماً لخطر تفشّي إنفلونزا الطيور. لكن شدّة تفشّي المرض، وسلالات الفيروس تختلف. فالسلالات المُصنّفة على أنّها شديدة الإمراض تُسبّب مرضاً شديداً، ومعدّل وفيات مرتفع.
يُجادل "مايك بادجر"، المدير المساعد لجمعية مُنتجي الدواجن الأميركية المُرعية (APPPA) غير الربحية، بأنّ حجر الدواجن أثناء تفشّي إنفلونزا الطيور شديدة الإمراض عام 2022 يُمكن أن يُهيئ ظروفاً مثالية لانتشار الفيروس. وأضاف "بادجر" أنّ معظم نفوق الطيور كان نتيجة عمليات تجارية داخلية مُغلقة بكثافة.
يضيف "روبرت مارتن"، مدير برنامج سياسات نظام الغذاء في مركز "جونز هوبكنز" لمستقبل صالح للعيش، أنّ أنظمة تربية الدواجن المحصورة تُشكّل خطراً على نشر فيروس إنفلونزا الطيور عالي الإمراض (HPAI)، لأنّ الطيور تبقى واقفة في فضلاتها طوال اليوم. "في نظام قائم على المراعي، تكون الطيور أكثر صحّة وأقل عرضة للتلامس" مع النفايات المصابة بفيروس إنفلونزا الطيور عالي الإمراض.
في حين أنّ القطعان التجارية التي تضمّ أعداداً كبيرة من الدواجن المحصورة في الحظائر قد تكبّدت أكبر خسائر في الطيور. يُؤكّد "بادجر" أنّه حتى في ذروة تفشّي المرض، لم يُسجل أي عضو في شبكة (APPPA) التي تضم 1000 مزرعة نتائج إيجابية لفيروس إنفلونزا الطيور عالي الإمراض. يُربّي جميع أعضاء (APPPA) تقريباً الدواجن في المراعي في أقفاص متنقّلة. في هذا النموذج، تُنقل الطيور إلى مراعي جديدة بشكل متكرّر لتجنّب ملامستها للنفايات. يُشير "بادجر" و"مارتن" إلى أن نفوق الدواجن أثناء تفشي المرض لا يكون دائماً بسبب الفيروس، بل بسبب الاستجابة نفسها. تُلزم وزارة الزراعة الأميركية المزارعين بإعدام جميع الدواجن المُصابة أو إخلائها من السكّان عن طريق الذبح لمنع انتشار المرض في المستقبل. يضيف "مارتن": "في النظام الصناعي، الطريقة الوحيدة للسيطرة على إنفلونزا الطيور شديدة الإمراض هي من خلال إجراءات صارمة".
يُفترض أن نموذج (APPPA) مفيد في حالات تفشي الأمراض، لأنّ الطيور "تُطوّر أجهزتها المناعية بطرق لا تتطوّر بها الطيور المحصورة". بالإضافة إلى ذلك، وجدت دراسة نُشرت في مجلة (Frontiers in Animal Science) أنّ الإثراء البيئي، مثل الوصول إلى الأعشاب الناضجة، يمكن أن يُحسّن مناعة دجاج التسمين. وبالمثل، من خلال إنشاء أنظمة بيئية متنوّعة للزراعة الدائمة للدواجن، تُحقّق "هاسليت-ماروكين" وتحالف الزراعة التجديدية سلاسل توريد أكثر شفافية، ودجاجاً أكثر صحّة، ومشاريع زراعية أكثر مرونة. يدعو "مارتن" إلى حلول سياسية طويلة الأجل، تشمل نماذج إنتاج دواجن لامركزية وقطعاناً أصغر حجماً تعتمد على المراعي، مشيراً إلى أنّ "الابتعاد عن النموذج الصناعي" هو الطريقة الأكثر فعّالية للحدّ من تفشي أمراض الدواجن في المستقبل.
المصدر: foodtank.com