البيئة المائيّة للأحواض السّمكيّة - إعداد م. احمد عبدالله خريسات
زيادة الكثافة السّمكية لحجم المياه للأحواض وما يترتب عليها من زيادة كمّيات التّغذية المصنّعة ذات المحتوى البروتيني المرتفع يؤدّي إلى زيادة المخلّفات العضويّة بالمياه ونتيجة وجود البكتريا والطحالب الخضراء الموجودة بالأحواض تستطيع أن تعمل بسهولة عليها والتّي يمكن أن تستفيد من النترات الناتجة عن عمليّات النيترة للأمونيا النّاتجة عن المخلّفات العضويّة. وهنا نتيجةً لذلك يتطلّب منّا الملاحظة المستمرّة لعناصر جودة مياه للأحواض السّمكية للخصائص الفيزيائيّة والكيميائيّة خاصّةً تركيزات الأمونيا والنّيتريت وعلاقتها بالرّقم الهيدروجيني ودرجة حرارة المياه .وإنّ الاختلال في عناصرها يعني خلال فترة قصيرة إلى ضياع المحصول السّمكي أو نقص كبير فيه ممّا يتطلّب المراقبة الواعية والمستمرة لها.
الخصائص الفيزيائية للمياه:
الشّفافية (Transparency) والعكارة (Turbidity):
ويقصد بالشفافية مدى اختراق الضّوء للماء وبوجه عام تتراوح نفاذيّة المياه الطّبيعية بشكل كبير وإن كان هناك العديد من العوامل التي تؤثّر في الشّفافية منها ماهو متعلّق بالضّوء نفسه، مثل شدّة الإضاءة وزاوية الإختراق والطول الموجي للأشعّة الضوئية، ومنها ما هو متعلّق بالبيئة المائيّة، أهمّها تركيز المواد العالقة سواء كانت جزيئات التّربة والمواد الغروية والمواد العضوية أو من الهائمات النّباتية ( الفيتوبلانكتون) (Phytoplankton) والحيوانيّة ( الزوبلانكتون) (Zooplankton) وأبسط طرق قياس الشّفافية هو استخدام قرص الشّفافية (Secchi Disc) وهو عبارة عن قرص مستدير بقطر 30 سم مقسّم الى أقسام بيضاء ثمّ سوداء ويتّصل من منتصفه بحبل أو بقائم خشبي أو معدني مقسّم الى مسافات يمكن قراءتها، ويستخدم بإنزاله في الماء حتى يختفي القرص عن النّظير وتعبّر قراءة العمق عند نقطة الاختفاء عن النّظر عن الشّفافية. وحتّى يمكن الاستفادة من قراءة قرص الشّفافية ومقارنتها من حوض لآخر، فقد لزم توحيد أسلوب القياس. وعموماً فإنّه يُنصح بأن يستخدم قرص الشّفافية في الأيّام ساكنة الرّياح وفي أثناء النهار، وأن تكون الشّمس خلف مستخدم القرص.
والجدير بالذّكر إلى أنّ العكارة قد تنتج لأسباب مختلفة، فقد تسبّبها الأمطار بما تحمله من جزيئات لعناصر معدنية، وقد تنتج عن إفرازات ونشاط الأسماك في موسم التّكاثر، حيث تطارد الأسماك بعضها البعض، أو نتيجة للتّنافس على الفرائس ممّا يؤدي إلى تقليب محتويات القاع وتعكير الماء، وهو الأمر الذي ينعكس بدوره على وصول الضّوء إلى الكائنات النّباتية الدّقيقة (فيتوبلانكتون ) ويؤدّي ذلك الإقلال من نسب عنصر الأكسجين عن قيام هذه النّباتات بعملية البناء الضّوئي. ويؤثّر ذلك على معدّل نمو الأسماك، وقد ينتج عنه انتشار الأمراض الفطريّة. ومن المعروف أنّ الضوء السّاقط على سطح الماء لا ينفذ كلّه، حيث ينعكس جزء منه، وتعتمد هذه الكمّية على زاوية السّقوط، وطبيعة سطح الماء، كما يتغيّر نوع الضّوء وتقلّ كثافته كلّما مرّ خلال الماء، وذلك بسبب عوامل التّشتّت وأبرزها المواد العالقة بالماء(مستوى العكارة). والعكارة كما سبق الذّكر تحدّ من نفاذ الضّوء، وبالتّالي يقلّ معدّل حدوث عمليّة البناء الضوئي وإنتاج البلانكتون، وهو ما يجعل من الصّعب على الأسماك من الحصول على الغذاء، وهذا العامل يدفعها إلى عمليّة الإفتراس، كما أنّه ذو تأثير ميكانيكي يتسبّب فى جرح الخياشيم. وكثيراً ما تتأثّر عمليّات إدارة الحوض السّمكي وأهمّها التّهوية الصّناعية بقراءة قرص الشّفافية، فإذا إنخفضت القراءة إلى مستويات قليلة(10 سم مثلاً) مع كثافة الّلون الأخضر للماء، فإنّ ذلك يدلّ على زيادة خطيرة للهائمات النّباتية ويلزم اتّخاذ عدد من الإجراءات لإعادة الموقف إلى حالة أكثر أماناً، منها تغيير مياه الحوض، الإستعداد بأجهزة التّهوية كما أنّ هناك بعض وسائل المعالجة الكيماوية مع تلك الحالة. وتعتبر قراءة قرص الشفافية من 25-50 سم مدى مناسباً. أمّا إذا كانت العكارة راجعة إلى مسببات أخرى كزيادة المواد العالقة من العضوية، فإنّ مستويات تلك العكارة العالية تؤثّر سلباً على نمو الهائمات النّباتية وكذلك على أسماك الحوض، وهناك أجهزة تستخدم لتحديد كمية امتصاص الضوء المار خلال عيّنة من الماء مثل جهاز سبكتروفوتوميتر(Spectrophotometer ).
رائحة ولون المياه:
يجب أن تكون مياه الحوض خالية من التّلوّث وأن تكون ذات رائحة غير كريهة حيث أنّ تلوّث الماء تجعله غير صالح لنموّ وتربية الأسماك فلون ماء الحوض يمكن أن يشير إلى مدى خصوبة الحوض فالماء الذي لونه بنّي يمكن أن يدلّ على أنّه غني بالغذاء الطّبيعي ويمكن أن تكون هذه المياه حامضية ويتوقّع إنتاجية الأسماك منخفضة أمّا إذا كان لون الماء مائل إلى الإخضرار فهو غني بالغذاء الطبيعي ويتوقع إنتاجية الأسماك به مرتفعة وخاصّة عندما يستمرّ هذا اللّون الأخضر الغني بالغذاء الطبيعي طوال موسم التّربية من بداية الربيع وحتى الخريف وذلك بنموّ الطحالب والغذاء الطبيعي بإستمرار.
درجة الحرارة:
الماء له قدرة كبيرة على الاحتفاظ بقدر كبير من الحرارة مع تغيّر نسبي بسيطاً في درجة الحرارة. هذه القدرة على الاحتفاظ بالحرارة تساعد الجسم المائي على عدم التّأثر بشدّة بالتّغيرات الكبيرة التي تحدث في درجة حرارة الجو. وكلّما زاد حجم الجسم المائي كلّما قلّت سرعة التّغيّر في درجات الحرارة. تأتي درجة حرارة المياه في المرتبة الثانية من حيث الأهمّية وذلك بعد الأكسجين. والأسماك من ذوات الدّم البارد حيث أنّ درجة حرارة جسمها تماثل تقريباً درجة حرارة الوسط المحيط. لذلك فالأسماك تعتمد كلّياً في أنشطتها الحيوية مثل السّلوك والتّغذية والنّمو وكذلك التّكاثر على درجة حرارة الماء المحيط بها. كذلك فإنّ عمليّات التّمثيل الغذائي داخل جسم السّمكة تتأثّر بدرجة الحرارة حيث يتضاعف معدّل التّمثيل الغذائي عند ارتفاع الحرارة 8 درجات مئوية. وبناءً على هذا التّقسيم فإنّ إدارة مشاريع الاستزراع السّمكي تلتزم بإختيار الأنواع الملائمة لدرجات الحرارة في المنطقة أو الأقاليم المقام بها المزرعة للحصول على أعلى كفاءة إنتاجيّة. حيث أنّه باستزراع أنواع لا تلائمها درجات الحرارة السّائدة في المنطقة فإنّها تفقد كثيراً من الطّاقة حيث يتطلّب التّغلب على ذلك القيام بعملية التّدفئة أو بالتبريد وهذا يجب أخذه في الاعتبار حيث يضاف إلى التّكلفة الإنتاجية. ونموّ الأسماك يتوقّف عندما تتغيّر درجة الحرارة إلى أكثر أو إلى أقلّ من الإحتياجات الحراريّة لها، وعلى المزراع أن يراقب درجة حرارة المياه في الأحواض باستمرار وخاصّةً عندما تتغيّر درجة حرارة الجوّ بصورة غير عاديّة حيث يصبح الجو شديد الحرارة أو البرودة، فمن الأفضل في هذه الحالة قياس درجة الحرارة بالترومومتر، ويمكن إستخدام الترمومتر الطّبي العادي الذي تقاس به درجة حرارة الإنسان.
يقوم المزراع بمراقبة الأسماك بعد إيداعها مياه الأحواض، ومن سلوكها يستطيع أن يستدلّ على مدى الحرارة الأمثل للأسماك فإنّها تتوقّف عن التّغذية كما أنّها تتحرّك ببطء شديد فإذا لاحظ المربّي ذلك فعليه أن يصرّف كمّية من مياه الأحواض ويضيف بدلاً منها مياه جديدة باردة كما يمكنه بطريقة أخرى توفير الظّل عند حافّة المياه حتى يخفّض من درجة حرارتها بمتّع أشعّة الشمس المباشرة من السّقوط على سطح الماء. وهذا الظّل يجب أن يكون مؤقّتاً ليرفع بعد إنخفاض الحرارة لأنّ أشعّة الشّمس مهمّة جدّاً لنجاح عملية استزراع الأسماك. كذلك فإنّ درجة الحرارة عامل محدّد لذوبان الغازات في المياه مثل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون والنّيتروجين. حيث يزداد الغازات بانخفاض درجة حرارة المياه. في فصل الربيع تكون درجة الحرارة متقاربة – لدرجة التّساوي – في كل طبقات الحوض. ونتيجةً لذلك فإنّ العناصر الغذائيّة والغازات الذائبة ومخلّفات الأسماك تكون موزعة بالتّساوي في كل أعماق الحوض. وعندما ترتفع درجة الحرارة بمرور الوقت اقتراباً من الصّيف فإنّ طبقة المياه الباردة الأعلى كثافة تشكّل الطّبقة السّفلى مباشرةً. ولذلك لا يحدث اختلاط بين الطّبقتين السّفلية الباردة والعلويّة الدّافئة نظراً لاختلاف الكثافة. أيضاً يقلّ معدّل ذوبان الأكسجين في الطّبقة السفلية نظراً لانخفاض معدّل التمثيل الضّوئي وعدم التّلامس المباشر مع الهواء الجوي. كذلك يقلّ الأكسجين الذائب في طبقة الماء السّفلية، نظراً لتحلّل المخلّفات المترسّبة على القاع ممّا يشكّل مشكلة حقيقية في أحواض الأسماك. في فصل الصّيف تكون المشكلة أكبر بالنّسبة للأسماك المربّاة في أحواض عميقة ممّا قد يسبّب اختناق للأسماك. فمثلاً تحتاج أسماك المشط العيش في مدى من درجات الحرارة يتراوح ما بين 22- 25 درجة مئويّة، وتتوقّف عن التغذية في حالة انخفاض درجة الحرارة الى 16 درجة مئوية، وفى 10 درجة مئوية تصبح معرّضة للموت، ويحفّز إرتفاع درجة الحرارة على ذوبان المواد الكيميائية، وهو ما يؤثّر سلباً على حيويّة الأسماك، وعلى العكس من ذلك يقلّ معدّل ذوبان الأكسجين في الماء.
درجة ملوحة الماء(Salinity):
يمكن تعريف ملوحة الماء بأنّها كمّية الأملاح (بالجزء / 1000 جزء) الموجود في 1 لتر من المياه بشرط تأكسد المواد العضوية وتحوّل الكربونات الموجودة بالماء إلى أكاسيد، وإستبدال البروم واليود بالكلور ويُرمز بالرّمز ( 00/0) أو ( 10-3) أو ppt، أو جزء في الألف ويمكن قياس ملوحة الماء بحدى الطريقتين الآتيتين:
أ. عن طريق معادلة تربط الملوحة بالكلورينيتي (Chlorinity) (وهي وزن الكلورين بالغرام في 1 لتر من الماء وذلك بعد تحول البروم واليود إلى كلور)
وهذه المعادلة هي :- S ( 0/00) = 0.03 + 1.805 Chlorinity.
ب. تقاس الملوحة عن طريق أجهزة علميّة مثل: جهاز قياس الملوحة (Salinometer) أو جهاز الــRefractometer
الخصائص الكيميائية لمياه الأحواض السمكية
الأكسجين الذائب :
يعدّ الأكسجين الذّائب في الماء من أهمّ العوامل التي تؤثّر على صلاحيّة هذا الماء للاستزراع السّمكي. فمن المعروف أنّ نقص الأكسجين الذائب في الماء عن حدّ معين يؤدي الى مشاكل عديدة، وإذا استمرّ هذا النّقص لفترة طويلة دون تدخّل من المربي فإنّ كارثة موت الأسماك ستحدث لا محالة. وهناك أكثر من مسلك لذوبان الأكسجين في الماء، أهمّها الانتشار من الهواء الجوي، ثم التّمثيل الضّوئي. حيث أنّه من المعروف أنّ ناتج هذه العمليّة هو استخلاص النّباتات لثاني أكسيد الكربون وإنتاج الأكسجين وذلك في وجود ضوء الشمس. وتعدّ الهويّة الميكانيكية عن طريق مضخّات الهواء والبدالات وشفط الماء ثم إعادة ضخّه على شكل رذاذ، وغير ذلك من الوسائل الميكانيكية من أكثر الوسائل استخداماً في تهوية مياه المزراع السّمكية. كما تلعب الرّياح دوراً مهمّاً في ذوبان الأكسجين في الماء وتتوقّف درجة ذوبان الأكسجين في الماء ( درجة تشبع الماء بالأكسجين) على درجة حرارة الماء ودرجة ملوحته، حيث تقلّ درجة التّشبّع مع زيادة هذه العوامل. ولهذا فإنّ إدارة الأكسجين الذّائب تعتبر من العمليّات الرئيسية لإدارة المزرعة ويستلزم لتحقيق إدارة جيّدة للأكسجين التّعرف على مصادر إنتاجه في مياه حوض الاستزراع، وكذلك احتياجات واستهلاك الكائنات المائية من الأكسجين والعوامل البيولوجية والبيئية التي تؤثّر على إمداد واستهلاك الأكسجين.
مصادر إنتاج الأكسجين الذائب :
أ. التمثيل الضوئي (Photosynthesis):
وهي العملية الحيوية التي بواسطتها تقوم الهائمات النّباتية (Phytoplankton) بإنتاج الأكسجين في عمليّة حيويّة تتمّ نهاراً حيث أنّ ضوء الشمس هو عنصر أساسي لإتمام هذه العملية وفيها تستطيع النّباتات الخضراء (وهي التي تحتوي على الكلوروفيل) من خلال استخلاص الطاقة من ضوء الشّمس أن تنتج مادّة عضوية وذلك باستخدام ثاني أكسيد الكربون وينتج عن ذلك التفاعل الأكسجين الذي يذوب في الماء.
وكما هو متوقّع فإنّ كمّيات الأكسجين النّاتجة لا بدّ وأن تتناسب مع كثافة الهائمات النّباتية بمياه الحوض، ولهذا فإنّه من المعروف وصول تركيز الأكسجين في الطّبقة السّطحية للمياه إلى مستوى يتجاوز حدّ التشبّع (Super Saturation) في المياه عالية الخصوبة ذات الكثافات العالية من الهائمات النباتيّة، وذلك أثناء النهار حيث تزداد شدّة الإضاءة، وفي مثل هذه الأحواض الخصبة تقلّ نفاذية الضّوء بزيادة العمق، ولهذا فإنّنا نتوقّع أن يقلّ تركيز الأكسجين بشكل واضح أسفل الطبقة السّطحية حيث يزداد الفرق بين الطّبقة السّطحية وما تحتها كلّما ازدادت خصوبة الماء.
وبالطّبع فإنّ أهمّية هذا المصدر في إنتاج الأكسجين تنحصر في نظم الاستزراع ذات المياه السّاكنة والتي غالباً ما تمثّل الكائنات النّباتية فيها مجموعة رئيسيّة وبالتّالي يصبح التّمثيل الضّوئي نشاطاً رئيسيّاً. أمّا في حالة المياه الجارية حيث يقلّ فيها معدّلات حيويّة العوالق النّباتية فإنّ تأثير التّمثيل الضّوئي تقلّ أهميته وتزداد دوره في الإمداد بالأكسجين كلّما ازداد معدل جريان الماء.
ب. الأكسجين الجوي:
ينتقل الأكسجين من الهواء الجوي إلى الماء وتتوقّف درجة الانتقال على عدّة عوامل أهمّها درجة الحرارة، حالة الرياح والفرق في المستوى الأكسجيني بين الماء والهواء. ومن الأهمّية بمكان التّأكّد على أنّ هناك عدّة عوامل تتوقّف عليها قدرة الماء على استيعاب الأكسجين.
وتعتبر درجة الحرارة من أهمّ العوامل في هذا الشّأن حيث تقل كفاءة ذوبان الأكسجين في الماء بإرتفاع درجة حرارته. وبتعبير آخر فإنّه عند درجة حرارة 15 مئويّة يستطيع اللّتر الواحد من الماء أن يذيب 9.76 ملليجرام من الأكسجين بينما ينخفض ذلك إلى 7.04 ملليجرام/لتر إذا ما ارتفعت درجة الحرارة إلى 35 مئويّة.
وهناك الملوحة أيضاً التي تؤثّر على درجة ذوبان الأكسجين في الماء حيث تحتوي مياه البحر على معدّل أقلّ من الأكسجين مقارنةً بالمياه العذبة مع افتراض ثبات درجة الحرارة والضغط الجوي. ويقدّر انخفاض درجة ذوبان الأكسجين بحوالي 5 لكل زيادة في الملوحة قدرها 9 أجزاء في الألف.
قياس الأكسجين الذّائب:
يرتبط قياس وتقدير الأكسجين الذّائب بالقدرة الإنتاجية للحوض المائي بشكل مباشر، كما أنّ حالات النّفوق المباشر لأسماك الحوض غالباً ما ترتبط بنقص الأكسجين الذّائب إلى الحدود المميتة، لذا تعتبر إدارة الأكسجين الذّائب في الحوض من أهمّ العمليّات التي تجري في المزرعة المائية. وتزداد أهمّية إدارة الأكسجين الذّائب كلما تقدّم موسم النّمو، حيث يزداد احتمال حدوث مشاكل في الأكسجين، ولهذا فإنّه عادةً ما يرتبط نقص الأكسجين بفصل الصّيف وذلك في مناطق استزراع أسماك المياه الدّافئة، حيث أنّ العوامل البيئية والحيويّة تميل في أغلبها الى زيادة استهلاك الأكسجين وبالتالي تزداد احتمالات نقص الأكسجين إلى الحدود الحرجة بل المميتة إذا ما حدث شيء يزيد من استهلاك الأكسجين أو يقلّل من إنتاجه ففي تلك الفترة غالباً ما تزداد الكتلة الحية لأسماك الحوض، وبالتّالي تزداد كميات الغذاء المقدمة لها وكذلك يزداد معدل استهلاك الأكسجين بواسطة التّنفس سواء للأسماك أو للكائنات النباتية التي غالباً ما تزدهر كلّما تقدم موسم النّمو.
يتمّ قياس الأكسجين الذّائب مخبريّاً بأسلوب المعايرة باستخدام طريقة Winkler أو إستخدام أجهزة القياس، ويعتبر استخدام أجهزة القياس الأسلوب العملي الشّائع للقياسات الحقليّة حيث تتميّز بالسّرعة في تنفيذها مقارنةً بالطّرق المخبريّة ذلك بالإضافة إلى أنّ العديد من تلك الأجهزة يمكن بواسطتها قياس درجة الحرارة في ذلك الوقت كما أنّ البعض الآخر منها يمكنه أخذ ملوحة الماء في الاعتبار، ممّا يجعل لها أهمّية خاصّة في الاستزراع البحري.
إنّ زيادة أونقص الأكسجين المنحلّ في الماء يؤدّي إلى ضرر كبير للأسماك فنقص الأكسجين المنحلّ له تأثير سيّىء على الأسماك فإنّه يسبّب ما يسمّى بحالة الاختناق التي تبدأ بسرعة في التّنفس لاكتساب أكثر كميّة ممكنة من الأكسجين ثم يتبعها تسرّع في نبضات القلب وعادة فإنّ الأسماك تصعد إلى سطح الماء لتقوم بالتّنفس من الطّبقة السّطحية للماء الأكثر غنى بالأكسجين أو بأخذ فقعات هوائيّة من السّطح وهذا ما نلاحظه في الغالب في أوقات الصباح الباكر أو في ليالي الصّيف الحارّة نتيجة ارتفاع حرارة الماء وزيادة النّشاط التنفسي لدى النباتات المائية أو في الأيّام التي تكون فيها السّحب منخفضة لعدّة ساعات من النهار
تقدير الأكسجين الذّائب:
لتقدير الأكسجين الذّائب خلال الّليل بناءً على قياسات فعليّة عند الغسق ثمّ بعد ذلك بساعتين أو ثلاثة ثم يتمّ بعدها توقيع القراءات على صور شكل بياني إحداثياته الوقت وتركيز الأكسجين، وبتوصيل نقطتي القراءة الفعليّة ثمّ مدّ ذلك الخطّ يمكن توقّع تركيزات الأكسجين في أوقات مختلفة وبهذا تستطيع المزرعة تحديد الحوض أو الأحواض المعرّضة لنقص الأكسجين وبناءً عليه تتّخذ التّرتيبات للتّعامل مع المشكلة. وأهمّ ما يؤخذ على هذه الطريقة هو حاجتها إلى الحصول على قراءة تالية لقراءة الغسق، مع وجود احتمال لحدوث مشاكل قبل القراءة. ويستطيع مزارعو الأسماك من ذوي الخبرة – لحدّ ما – التّكهن بمستويات الأكسجين المتوقّعة ليلاً حيث عادةً ما ينخفض مستوى الأكسجين الذّائب بالحوض نتيجة لكثير من العمليّات التي قد تحدث فجأة وتؤثّر على تركيز الأكسجين.
أساليب التّعامل مع حالات نقص الأكسجين الذّائب:
من البديهي أنّ علاج نقص الأكسجين بالحوض المائي يكمن في إمداد الحوض بالأكسجين بأيّ من الوسائل الممكنة، وبغضّ النّظر عن الوسيلة فإنّنا نودّ هنا أن نركّز على بعض النّقاط الهامّة في عمليّة العلاج، فمثلاً لا بدّ أن يراعى التوقيت المناسب للبدء بالتدخّل للتّعامل مع تلك الحالة حيث لا نتوقع حدوث استجابة من الأسماك لتلك الوسائل إذا ما وصل الإجهاد بها إلى حالة متقدّمة كما لا يجب أن نتوقّع أنّ تأثير تلك الوسائل يمكن أن يغطّي الحوض بأكمله في نفس الوقت، وخصوصاً بالنسبة للأحواض الكبيرة، حيث أنّ المعدّات التي غالباً ما تستخدم في هذه الحالات تستطيع تحقيق رفع سريع للأكسجين في مساحات تختلف باختلاف طاقاتها، ولهذا فإنّه غالباً ما يلاحظ تجمّع أسماك الحوض في كثافات في المنطقة مرتفعة الأكسجين بالقرب من أماكن تلك المعدات والتي غالباً مع استمرار تشغيلها واتّساع المنطقة ذات المحتوى الأ كسجيني المناسب تبدأ كثافات الأسماك في الانتشار ولهذا فإنّه لو تأخّر البدء بتشغيل تلك المعدات فقد لا تستطيع الأسماك التي وصلت الى حالة متقدمة من الإجهاد السباحة إلى منطقة الأكسجين العالي وتموت في أماكنها.
ويطلق مصطلح التهوية(Aeration) على حالات معالجة نقص الأكسجين حيث أنّها ببساطة عمليّة إضافة الأكسجين للمياه ولهذا فإننا نتوقع أن كفاءة عمليّة التّهوية لا بدّ وأن تعتمد على عدّة عوامل أهمّها:
- مساحة المسطح المراد تهويته
- حجم الماء المراد تهويته
- تركيز الأكسجين الفعلي وقت بدء التشغيل
- درجة الحرارة
ودون الدّخول إلى المعادلات الرّياضية الخاصّة بقياس الأكسجين في زمن محدّد فإنّه بوجه عام يزداد ذلك المعدّل كلّما ازدادت نسبة المساحة إلى الحجم كما يزداد ذلك المعدّل كلّما ازداد الفارق بين مستوى التشبّع للأكسجين ومستواه وقت بدء التّشغيل كما يزداد معدّل الانتقال بزيادة درجة الحرارة.
وتعتبر الهوايات السطحية(Surface Aerators) هي أكثرها استخداماً نظراً لكفاءتها واقتصاديات تشغيلها هذا وإن اعتمدت جميعها على إحداث تقليب لسطح الماء حتّى يمكن تحقيق معدّل انتقال أكبر للأكسجين. كما أنّه يمكن أيضاً استخدام الطلمبات كأجهزة تهوية حيث تقوم بسحب الماء منخفض الأكسجين من تحت السّطح ثم يعاد ضخّه عالياً إلى الحوض نفسه الذي يساعد على إحداث حركة دورانيّة للماء وبالتّالي ينشّط عمليّة اكتساب الماء للأكسجين الجوي.
وبناءً على أسلوب إدارة الحوض المائي تكون التّهوية إمّا تهوية للطوارئ أو تهوية إضافيّة، وكما يبدو من إسمها فإنّ تهوية الطوارئ تستخدم لمنع وصول الأكسجين إلى المعدّلات الحرجة والمميتة وإنه إذا ما تمّ استخدام وسائل التهوية في هذه الحالة فإنّه يمكن إمداد الأكسجين الذائب بكمية تكفي لحفظ حياة الأسماك.
ويمكن لتحسين المحتوى الأكسجيني في الحوض إجراء عملية صرف جزئي لمياه القاع مع الإحلال بمياه جيدة المحتوى الأكسجيني لإنقاذ الموقف بالحوض الذي يعاني من نقص الأكسجين. وفي بعض الأحيان يمكن معالجة نقص الأكسجين بالحوض عن طريق إدخال مياه جديدة غنيّة بالأكسجين وبالكمّية التي يمكنها تصحيح الوضع.
أمّا التّهوية الإضافية فهي تلك التي تستخدم بصورة تكاد روتينية كلّما اتّجه أسلوب الاستزراع إلى التّكثيف حيث تسمح التهوية في هذه الحالة بزيادة معدلات التخزين والتغذية وبالتالي محصول الأسماك أي أنّ هذا النوع من التهوية يستهدف زيادة الإنتاجية بدلاً من تفادي موت الأسماك كما هو الحال في النوع الأول. وقد يكون من المفيد أن نتوقف عند بعض النقاط التي توضع في الإعتبار عند تحديد عدد أجهزة التي يحتاجها حوض الاستزراع أهمّها:
1. تحديد احتياجات الحوض من الأكسجين للأسماك والغذاء الطّبيعي
2. اختيار نوع جهاز التّهوية الذي يتناسب مع النظام المائي المراد تهويته
3. تحديد كفاءة الأجهزة المختارة بناء على بيانات التّصنيع
4. تصحيح بيانات التّصنيع إذا لزم الأمر بناءً على الظروف البيئيّة الفعليّة وهناك من المعادلات التي يمكنها تقديم هذا التصحيح فمثلاً يتمّ تخفيض معدّل تشغيل أجهزة التّهوية في حالة ارتفاع قوّة الرّياح وخاصّة الباردة منها التي تساعد بدورها على رفع تركيز الأكسجين بالحوض
5. اختيار الحجم المناسب من الأجهزة التي يمكنها تحقيق تهوية متماثلة لحجم المياه المراد تهويته
6. تحديد عدد الأجهزة المطلوبة للمسطّح المائي
7. وضع الأجهزة في الأماكن المناسبة بالحوض
تحتاج الأسماك النّشطة إلى معدّلات أعلى من الأكسجين مقارنةً بالأسماك الأقلّ نشاطاً، كما أنّ الأسماك الصّغيرة تستهلك مقادير من الأكسجين أكثر من الأسماك الأكبر فى الحجم، وتختلف الحدود الحرجة للأكسجين بإختلاف أنواع الأسماك، وتفضّل الأسماك التّركيزات العالية من الأكسجين على اختلاف الأحوال.
يعالج نقص الأكسجين في الأحواض بأحدى الوسائل التالية:
• رشّ الماء في الأحواض بواسطة مضخّات خاصّة حيث يتمّ دفعه على شكل نافورة في وسط الحوض ممّا يساعد على ذوبان بعض أكسجين الجو.
• ينصح بزراعة الأشجار العالية ذات الظلال ويفضّل أن تكون من الأشجار متساقطة الأوراق مع بدء تأسيس المزرعة وبذلك نحصل على حاجز من النّباتات التي تقلّل من الحرارة وتزيد من الظلّ في فصل الصّيف وتسمح للشمس بالوصول إلى الماء في فصل الشتاء، وكما أنّ قابليّة غاز الأكسجين للذّوبان تقلّ في الماء كلّما ارتفعت درجة حرارته.
• يمكن ضخّ الهواء عن طريق أنابيب مثّقبة توضع في قاع الحوض بواسطة مضخّة خاصّة للهواء فالفقاعات الخارجة من الثقوب تحرّك ماء الحوض ونتيجة للحركة يختلط كمية من الأكسجين المذاب مع الماء.
ثاني أكسيد الكربون:
يمكن للأسماك تحمّل وجود ثاني أكسيد الكربون ما دام هناك مصدر للأكسجين في الماء. ينبغي ألاّ يزيد مستوى ثاني أكسيد الكربون في الماء المربّى للأسماك عن 5 جزء في المليون وفي حالات الاستزراع المكثّف تصل إلى 5-10 جزء في المليون. بينما في النظام الدّائري (إعادة تدوير الماء) يصل إلى 20 جزء في المليون.
ربّما لا يصبح ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الماء مشكلة في حال إذا ما كانت هناك وفرة من الأكسجين، ويسبّب زيادة هذا الغاز في الماء وصوله إلى مخ وقلب السّمكة مسبّبة موتها.
وممّا يجدر ذكره أنّ مياه الآبار يقلّ محتواها الأكسجين ويزداد ثاني أكسيد الكربون، لذا لا بدّ من استخدام مضخّات أكسجين لتعديل نسب كل منهما في الماء.
درجة الحموضة (PH )(الأس الهيدروجيني):
تعتبر درجة الأس الهيدروجيني المؤشّر لدرجة حموضة أو قلويّة الماء وهي من صفر إلى 14 حيث يمثّل المدى من صفر إلى أقلّ من 7 درجة الحموضة المختلفة للماء، ومن أكثر من 7 إلى 14 تمثّل القلويّة (القاعدية) للماء أمّا درجة 7 فهي الدرجة المتعادلة (Neutral PH) وإنّ معظم المياه الطبيعيّة تتراوح درجة الأس الهيدروجيني فيها مابين 6.7-8.2 وهي مناسبة لحياة الأسماك.
ويقول الخبراء في مجال الاستزراع السّمكي بأنّ تجاوز مقدار PH المدى من 4.5 – 10 يعيق نموّ الأسماك، ومن المعروف أن مقدار PH للمياه العذبة متغيّر، بينما يبلغ 8.1 – 8.3 للمياه المالحة في المناطق السّطحية، وفي الأحواض التي تحتوي على غاز كبرتيد الهيدروجين تنخفض هذه القيمة إلى 7. وتظهر العديد من أمراض الأسماك نتيجة حموضة الماء، حيث يتولّد عن ذلك العوم البطيئ وأذى الجلد وتشوّه لون الخياشيم، وإنخفاض درجة حموضة الماء يحوّله لماء سام لمعظم الأسماك الموجودة في الحوض، فعند رقم الحموضة 5 تبدأ الأسماك في النفوق ، حيث يغطّي جسمها طبقة بيضاء، وتفرز كمّية كبيرة من المخاط، وتتحوّل أطراف الخياشيم للون بنّي، وفي حالة إذا كان الماء غنيّاً بالحديد، يتحول في هذا الوسط لحديد غروي يستقرّ على الخياشيم، حيث يصعب التّنفس، لذا ينصح الخبراء بضرورة نثر كمّية من مادّة كربونات الكالسيوم تقدر بــ 50غم / م2.
العلاقة بين التّمثيل الضّوئي ودرجة الأس الهيدروجيني في ماء الحوض:
1. ليلاً وفي عدم وجود ضوء الشمس وحيث تزيد نسبة ثاني أكسيد الكربون (النّاتج من عمليّة التنفس للنّباتات والأسماك ومن الهواء الجوّي الذي يخلط بالوسط المائي) التي ما يلبث أن يكون مع الماء حامض الكربونيك (وهو غير ثابت والذي يمكن أن يتفكّك بسهولة إلى ماء وثاني أكسيد الكربون مرّة أخرى) ويتّحد حامض الكربونيك مع كربونات الكالسيوم وهي سريعة الذوبان في الماء وتعتبر مخزن لثاني أكسيد الكربون النّاتج ليلاً والذي سيتمّ استهلاكه نهاراً لعمليّة تنفّس النباتات ومع تكوين بيكربونات الكالسيوم تنخفض درجة الأس الهيدروجيني قليلاً عن درجة التّعادل لتصل إلى 6.5 تقريباً قبل طلوع الشمس.
2. نهاراً أو ضوء الشمس يحدث عكس ما هو ليلاً حيث تأخذ النباتات والفيتوبلانكتون بالوسط المائي ثاني أكسيد الكربون اللّازم لعمليّة تنفّسها ويتطّلب الأمر مزيداً منه فتتفكّك بيكربونات الكالسيوم تدريجيّاً (مخزن ثاني أكسيد الكربون) لتعطي ثاني أكسيد الكربون (الذي يستخدم في عمليّة التّنفس للنباتات والفيتوبلانكتون) وكربونات الكالسيوم التي تؤدّي إلى ارتفاع درجة الأس الهيدروجيني تدريجيّاً لتصل بعد منتصف النّهار إلى 8-9 تقريباً لكن أثناء الليل يحدث العكس مرة أخرى فتتكوّن بيكربونات الكالسيوم مرّة أخرى كمخزن لثاني أكسيد الكربون.
طريقة قياس درجة الأس الهيدروجيني:
هناك عدّة طرق لقياس درجة الأس الهيدروجيني لمياه الحوض وذلك باستخدام أوراق خاصّة ملوّنة عند وضعها في الماء يتغيّر لونها وعلى حسب تغيير الّلون يمكن معرفة درجة الأس الهيدروجيني للمياه.
كما توجد أجهزة الحديثة ومنها جهاز القياس الأس الهيدروجيني (بي أتش 90) الذي يعمل بالبطّارية ويسهّل حمله وعن طريق الكترود يغمس في الماء ويمكن تسجيل درجة الأس الهيدروجيني بعد ضبطه على درجة حرارة الماء المراد قياس درجة الأس الهيدروجيني به وهذا الجهاز يتمّ استخدامه في معظم مزارع الأسماك نظراً لدقّته وأيضاً يستعمل لتسجيل القراءة الفوريّة في ماء الحوض مباشرة أو عينة المياه المراد معرفة درجة الأس الهيدروجيني بها.
لمعرفة حموضة المياه يمكن استخدام أوراق عباد الشمس:
يمكن استخدامها بسهولة لقياس درجة حموضة المياه في مزراع الأسماك وهي عبارة عن شرائح صغيرة من الورق المشبّع بصبغة عباد الشمس الأحمر أو الأزرق.
فإذا عرضت ورقة عباد الشمس الحمراء إلى ماء الحوض وتغيّر لونها إلى الأزرق فهذا يدلّ على أنّ المياه تميل إلى النّاحية القلوية.
أمّا إذا عرضت ورقة عباد الزرقاء إلى المياه وتغيّر لونها إلى الأحمر، فهذا دليل على أنّ المياه بها مسبة من الحموضة، وبمقارنة درجة الإحمرار أو الزّرقة على مقياس الحموضة المثبّت في لوحة خاصّة وذلك بمطابقة درجة اللّون النّاتج مع الدّرجة المماثلة لنفس الّلون على اللّوحة، وبقراءة الرّقم المقابل لدرجة الّلون يمكن بسهولة معرفة درجة تركيز أيون الهيدروجين في الماء، وهناك أيضاً قياسات إلكترونية لتحديد تركيز الهيدروجين ولكن تلك الأجهزة غالية الثمن وليست ضرورية لإستخدامها في المزراع.
إنّ زيادة الحموضة عن المعدّل المناسب لكلّ نوع من الأسماك سوف يؤدّي إلى ضيق في التّنفّس فتحاول الأسماك عندها اقتناص فقاعات هوائيّة من سطح الماء ويلاحظ انغلاق الغلاصم وتشكّل مادّة مخاطيّة على سطح الجلد وإذا ما استمرّت الحالة فسوف يؤدّي إلى النّفوق الجماعي للأسماك. يمكن معادلة حموضة الماء بتوفير الكربونات والبيكروبونات والتي تقاس بمجموع كربونات الكالسيوم ويجب ألّا تقلّ كميتها عن 10 ملجم/لتر ماء لذا يضاف الكلس المطفا والناعم على سطح مياه الأحواض أثناء فترة التربية.
درجة عسر الماء
من الأخطاء الشّائعة إطلاق لفظ "عسر الماء" للدّلالة على درجة قويّة حيث يختلف كلّ منهما عن الآخر. فعسر الماء يقصد به تركيز الأيونات ثنائية التكافؤ مثل: الكالسيوم والمغنيسيوم في الماء بالمليجرام/لتر من كربونات الكالسيوم.
وأنسب ماء للاستزراع السمكي هو الماء الذي لايقلّ عسره عن 50 – 150 ملجم / لتر. أما إذا قلّت درجة العسر عن 20 ملجم/لتر فإنّ هذا الماء لا يصبح مثالياً للاستزراع. كما أنّ الزّيادة العالية في عسر الماء تؤدّي إلى نقص في نمو وضعف في الإنتاج. وقد أثبتت الدّراسات التي أجريت حديثاً على الجمبري والبلطي أنّ معدّلات النّمو تزيد بزيادة العسر إلى 350 تقريباً، ثمّ تنقص بعد ذلك.
وتتأثّر معدّلات كلّ منهما بإضافة الجير (عملية التجيير). ويقدّر الخبراء أفضل معدّل نمو الأسماك بين 50–300جزء/ مليون.
وعليه ينبغي على المزارع تجنّب استخدام الجير نهائيّاً فى عمليات التّطهير، حيث أنّه يرفع من معدّلات العسر.
ويمكن قياس درجة عسر الماء في المختبر أو بإستعمال صندوق الاختبارات الحقلية الكيميائية ، وهناك طرق عديدة يمكن للمربّي أن يستدلّ بها على ما إذا كانت المياه عسرة أو يسرة بدون استخدام الكيماويات وهي:
• فحص خطّ المياه على الحوائط أو الجسور أو السّدود حيث يتذبذب مستوى سطح الماء في الأحواض فإذا ظهر خط أبيض مكان ملامسة المياه قبل إنخفاض منسوبه فهذا يعني إحتمال وجود أملاح بنسبة كبيرة.
• إستعمال الصّابون وغسل اليدين وبكمية من مياه الحوض فإذا إحتاج الصابون إلى وقت لكي يعطي رغوة أو أنّ الرغوة لم تستقر على سطح الجلد لفترة فيدلّ ذلك على أنّ الماء عسرة، أمّا إذا كانت الماء يسرة فإنّ الصابون سيعطي رغوة بمجرد إستعماله مع الماء، كما أنّ الرّغوة ستستقرّ على سطح الجلد إذا تركت لفترة طويلة. أمّا إذا كانت درجة يسر الماء كبيرة جداً فإنه يمكن إضافة الجير إليه لرفع نسبة الأملاح في الماء.
الأمونيا والنيتريت
الأسماك تخرج غاز الأمونيا زكميات من اليوريا في الماء كمخلفات. وتوجد الأمونيا في الماء على صورتين، صورة متأينة وغير سامة (NH4+) ، وصورة غير متأينة وسامة (NH3). ومن العوامل التي تزيد من تركيز الأمونيا في الماء ما يأتي:
1. زيادة درجة الــPH
2. زيادة درجة حرارة الماء
3. زيادة كمية العلف عن المعدل المطلوب ففي هذه الحالة سيزيد معدل التمثيل الغذائي (احتراق الغذاء) للبروتين، ثم تتخلص الأسماك من نواتج هذه العملية على صورة أمونيا، كما أنّ بعض الغذاء الذي لم يستخدم يتحلل وينتج بعض الأمونيا
4. زيادة كثافة الأسماك مع عدم التهوية
5. موت وتحلل النباتات والطحالب الموجودة بالحوض
والأمونيا غير المتأينة سامة جداً للأسماك، حتى عند تركيزات قليلة تتأكسد الأمونيا بالماء إلى نيتريت والى نترات. و لا تقلّ خطورة والنيتريت على صحة الأسماك عن خطورة الأمونيا، إذ يدخل النيتريت إلى دم الأسماك عن طريق الخياشيم (التنفس) ويتّحد مع هيموجلوبين الدّم مكوناً مركباً يسمى ميثيموجلوبين(Methaemoglobin)، وهذا المركّب يعطي الدّم لوناً بنّياً، ولذلك يطلق عليه الدّم البني، ويمكن التّخلص من هذه الظاهرة بإضافة 3 أجزاء تقريباً من الكلوريد لكل جزء من النيتريت بالماء. ويمكن استخدام كلوريد الصوديوم أو كلوريد الكالسيوم في هذا الصدد كما يمكن تجديد جزء من الماء للتخلص من النيتريت . وتؤدي زيادة الأمونيا والنيتريت في الماء إلى زيادة معدّلات تنفس الأسماك وبالتّالي تدمير الخياشيم، إضافةً إلى نقص فاعليّة الدم في نقل الأكسجين كما يؤدّي إلى تغيرات في الرئة والطحال والكبد، والدّم ممّا يؤدّي إلى العديد من المشاكل التي تنتهي بموت الأسماك.
ولكن في أحواض الاستزراع ترتفع نسبة الأمونيا إلى حدود ضارّة نتيجة لزيادة أعداد الأسماك في حجم معين من الماء. وعلى المزراع أن يتعامل مع ذلك لتقليل خطر التسمم بالأمونيا.
وقد وجد أنّ نسبة الأمونيا غير أيونيه تزداد بزادة رقم PH وارتفاع الحرارة. المدى السّام من الأمونيا غير أيونية تختلف بإختلاف نوع السمك. وعموماً فإنّ التركيز أقل من 0.02 جزء في مليون يعتبر آمن.
ويمكن حساب تركيز الأمونيا غير متأينة والسامة في الماء عند درجات حرارة و PH مختلفة من المعادلة:
تركيز الأمونيا غير المتأينة (مج/لتر)= تركيز الأمونيا الكلية (مج/لتر) × النسبة المئوية للأمونيا غير المتأينة إلى الأمونيا الكلية عند درجة حرارة و PH ماء الحوض.
مثال:
فمثلاً لو كان تركيز الأمونيا الكلية في الحوض هو 2 ملجم/لتر وكانت درجة الحرارة هي 28 مْ وال PH هي 8 فإنّ تركيز الأمونيا غير المتأينة في هذا الحوض يساوي:
تركيز الأمونيا غير المتأينة (ملجم/لتر)= 2×0.066 (من الجدول: عند درجة حرارة 28 وPH 8).
النسبة المئوية للأمونيا غير المتأينة NH3 إلى الأمونيا الكلية عند درجات مختلفة من الحرارة والأس الهيدروجيني PH .
الغازات والعناصر الذائبة في الماء
الجدول الآتي يبيّن التركيزات المسموح بها لبعض العناصر المختلفة في ماء الاستزراع (المصدر:Pillay,1990)
وتجدر الإشارة إلى إنّ التركيزات السّابقة ليست هي التركيزات المطلوبة لجميع أنواع الأسماك، بل يختلف تحمّل الأسماك لهذه العناصر باختلاف نوع السمك والظروف البيئية المحيطة.
م. احمد عبدالله خريسات رئيس قسم أبحاث الثروة السمكية المركز الوطني للبحوث الزراعية عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. 0775540533 |