صناعة إنتاج الحيوان والدواجن بالزراعة العضوية
"النباتات والأعشاب الطبية والعطرية إضافات علفية ومكملات غذائية لمقاومة الأمراض ورفع المناعة لدى حيوانات وطيور المزرعة"
تضعف أعداد سُكان العالم خلال القرن العشرين بشكلٍ كبيرٍ جدًا، ففي عام 1900، أي بداية القرن الماضي، كان عدد سُكان العالم تقريبًا مليار نسمة، والآن ونحن في نهاية عام 2016 أي بعد 116 سنة، أصبح تعداد العالم في حدود الـ7 مليار نسمة، أي أن العالم زاد 7 أضعاف، برغم حدوث عشرات الحروب والكوارث الطبيعية والصناعية خلال القرن العشرين كالحربين العالميتين الأولى والثانية وإلقاء قنابل ذرية على جزيرتَي هيروشيما ونجازاكي باليابان، وحدوث أكثر من تسريب نووي كالذي حدث في مفاعل تشرنوبل عام 1986م....الخ.
و تعني زيادة أعداد البشر بهذه الصورة، أنه لابد من مضاعفة الإنتاج الزراعي بشقَّيه النباتي والحيواني وتكثيف الإنتاجية بمتوالية هندسية وليس حسابية، لذا فقد اتجه العالم كله للإنتاج الحيواني والداجني والسمكي باستخدام نظم الإنتاج المكثفة أو على أقل تقدير شبه المكثفة، واتباع الإدارة الاقتصادية التي تحقق أفضل إنتاج في أقل وقت ممكن.
فلنا أن نتصور شكل أي منطقة من مناطق العالم، أعداد كبيرة من الكائنات الحية، إنسان، حيوان، طيور، نبات، حتى المياه العذبة في القنوات المائية لم تعد كما خلقها خالق الكون، بل تحولت إلى مزارع سمكية ذات إنتاجية مرتفعة، وكما نعلم أن زيادة أعداد الكائنات الحية في وحدة المساحة نفسها، مع زيادة نسبة التلوث والاحتباس الحراري الذي يشهده العالم بسبب الثروة الصناعية والتكنولوجية، أدت لانتشار الأمراض والأوبئة مع ضعف المناعة ومقاومة تلك الكائنات للأمراض!، ففي البداية ومع اكتشاف المضادات الحيوية كان الاتجاه هو الإفراط في استخدامها، إلى أن وصلنا لمرحلة مقاومة أجساد الكائنات الحية الدقيقة المسببة للأمراض لتلك المضادات، للدرجة التي أصبحت غير فعالة مع الكثير من الأوبئة الجرثومية، مما يعني تهديد للثروة الحيوانية، مما يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر في صحة وحياة الإنسان.
ومع ارتفاع الوعي الطبي لدى الكثير من الشعوب، بسبب التقدم في البحث العلمي الطبي، وزيادة المعارف الطبية مع سهولة تداول المعلومات بسبب انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية كنتاجٍ للثروة المعلوماتية والاتصالات، جعل البشر في الدول المتقدمة يبحثون عن الطعام الصحي غير المضر، والابتعاد عن أي غذاء غير مفيد أو يكون مسببًا لأي مرض من الأمراض، أي التركيز على إنتاج الغذاء العضوي الذي لم يتم استخدام المبيدات الحشرية أو الأدوية في إنتاجه، أي رفع شعار "الكيف" وليس "الكم"؟!، ولكن على عكس ذلك الدول النامية "دول العالم الثالث" التي بها أعداد كبيرة من السُكان وتعيش تحت سيطرة مثلث "الفقر والجهل والمرض"، فكل ما يهم تلك الدول الكم وليس الكيف؟!، ولكن خلال العقدين الأخيرين، أي من نهاية القرن العشرين وحتى الآن، انتشر الكثير من الأمراض الوبائية التي ضربت العالم مثل فيروس الأنفلونزا بأنواعه المختلفة "طيور – خنازير"، الحمى القلاعية، السل، البروسيلا، السالمونيلا...الخ.
ومع انتشار فكرة التنمية الزراعية المستدامة بالدول النامية كأحد المحاور الاقتصادية التي وقّع عليها جميع الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، مما يعني أن دول الجنوب أي دول العالم الثالث أصبحت مضطرةً إجبارًا وليس اختيارًا لتطبيق نظم الإنتاج الصحي العضوي لكافة أنواع الأغذية وذلك حفاظًا على صحة كل الكائنات التي تعيش على أرضها، وتوفير منتجٍ غذائي صحي طبقًا للقواعد الصحية التي وضعتها الدول المتقدمة الأكثر استهلاكًا، وذلك إذا ما أرادت الدول النامية تكثيف الإنتاج وتصديره للدول الكبرى.
تظل الأبحاث العلمية المنشورة بالمجلات والدوريات العلمية مجرد أفكار ودراسات ونتائج، ولك بمجرد أن تصل مستخلصات تلك الأبحاث للجمهور المستهدف، من خلال وسائل الإعلام المختلفة، ليقرأها ويستوعبها ويدخلها حيز التنفيذ، تتحول من مجرد دراسات علمية إلى معلومات تطبيقية اقتصادية متداولة بين تلك الجماهير أو المجتمع المستهدف، فنحن نتحدث هنا عن مربّي الحيوانات المجترة وأصحاب مزارع الدواجن بكافة أنواعها، عزيزي منتج اللحوم الحمراء أو البيضاء، منتجي الألبان وبيض المائدة، الشعر والصوف، تفضل بقراءة ملخص البحث التالي.
نشر بمجلة جامعة المنصورة للكيمياء الزراعية والتكنولوجية الحيوية، المجلد (6) العدد (9) سبتمبر 2016، الصفحات من 357-371، بحث بعنوان "تأثير بعض المستخلصات النباتية على البكتيريا الممرضة"، قام بإجراء البحث باحثون من قسم الميكروبيولوجي بكلية الزراعة جامعة المنصورة.
وقد أجريت هذه الدراسة لتقدير النشاط المضاد للبكتيريا antibacterial activity لبعض المستخلصات النباتية مثل حصا لبان Rosmarinus officinalis، قشر البرتقال Citrus sinensis، الكافور Eucalypus globulus، الجوافة Psidium guajava، البابونج Matricaria chamomilla، البصل Allium cepa، الثوم Allium sativum، حبة البركة Nigella sativa؛ وتمّ تحضير المستخلصات باستخدام 4 مذيبات (ماء – ميثانول- إيثانول – أسيتون)، وتم عمل تركيزات مختلفة (100-200-400 مجم/ملل) لقياس قطر منطقة التثبيط للبكتيريا الممرضة وهي: Escherichia coli, Salmonella spp, Shigella flexneri, Enterobacter sakazakii, Staphylococcus aureus, Bacillus cereus ؛ وذلك باستخدام طريقة الانتشار في الأجار agar well diffusion method.
وقالت الأستاذة الدكتورة/ عايدة حافظ عفيفي- رئيسة الفريق البحثي، أنه قد تم تقدير أقل تركيز مثبط وأقل تركيز قاتل للمستخلصات النباتية باستخدام طريقة سلسلة التخفيفات وتمّ عمل تركيزات (1.56 – 3.175 – 6.25-12.5-25 مجم/ملل).
وأظهرت النتائج أن مستخلصات حصا لبان، قشر البرتقال، الكافور، الجوافة كانت أكثر تأثيرًا في جميع البكتيريا فيما عدا بكتيريا Salmonella spp، حيث كانت مقاومة المستخلص المائي والإيثانولي لحصا لبان، والمستخلص المائي للكافور والجوافة. أما البابونج فقد أعطى تأثيرًا متوسطًا في جميع البكتيريا ما عدا Salmonella spp التي كانت مقاومةً للمستخلص الإيثانولي. وأعطى البصل والثوم أقل تأثير في البكتيريا؛ و كان جميع الأنواع البكتيرية تحت الدراسة مقاومًا للمستخلص المائي لكل منهما. كانت حبة البركة غير مؤثرةٍ في جميع البكتيريا الممرضة.
وبدراسة أقل تركيز مثبط وأقل تركيز قاتل، أوضحت النتائج بالنسبة لمستخلصات حصا لبان الآتي:
نوع المستخلص Extract Type |
أقل تركيز مثبط (MIC) Minimum inhibitory concentration |
أقل تركيز قاتل (MBC) Minimum bactericidal concentration |
أولاً: المستخلص المائي: |
25 مجم/ملل لجميع الميكروبات الممرضة. |
25 مجم/ملل لجميع الميكروبات الممرضة. |
ثانياً: المستخلص الميثانولي: |
6.25 مجم/ملل لكل من: Escherichia coli, Salmonella spp, Staphylococcus aureus and Bacillus cereus 12.5 مجم/ ملل لكل من: Shigella flexneri and Enterobacter sakazakii |
12.5 مجم/ ملل لكل من: Escherichia coli, Salmonella spp, Staphylococcus aureus and Bacillus cereus 25 مجم/ ملل لكل من: higella flexneri and Enterobacter sakazakii |
ثالثاً: المستخلص الإيثانولي: |
6.25 مجم/ ملل لكل من: Escherichia coli and Staphylococcus aureus 12.5 مجم/ ملل لكل من: Shigella flexneri and Bacillus cereus أكثر من 25 مجم/ ملل لبكتيريا: Enterobacter sakazakii كانت بكتيريا Salmonella spp مقاومةً لهذا المستخلص |
12.5 مجم/ملل لكل من: Escherichia coli and Staphylococcus aureus 25 مجم/ ملل لكل من: Shigella flexneri and Bacillus cereus أكثر من 25 مجم/ ملل لبكتيريا: Enterobacter sakazakii كانت بكتيريا Salmonella spp مقاومةً لهذا المستخلص |
رابعاً: المستخلص الأسيتوني: |
6.25 مجم/ ملل لبكتيريا: Enterobacter sakazakii 12.5 مجم/ ملل لكل من: Escherichia coli , Staphylococcus aureus and Shigella flexneri 25 مجم/ ملل لبكتيريا: Bacillus cereus |
12.5 مجم/ ملل لبكتيريا: Enterobacter sakazakii 25 مجم/ ملل لكل من: Escherichia coli , Staphylococcus aureus and Shigella flexneri 25 مجم/ ملل لبكتيريا: Bacillus cereus |
أوضحت النتائج بالنسبة للمستخلصات النباتية الأخرى لكل من: الكافور، الجوافة، البابونج، البصل، الثوم، قشر البرتقال؛ أن أقلّ تركيز مثبط وأقل تركيز قاتل كان أكثر من 25 مجم/ ملل لكل الميكروبات المستخدمة في الدراسة.
محمود سلامة الهايشة
كاتب وباحث مصري