turkiSarakbi.125لحم الفروج السباكيتي (spaghetti meatأسبابه وعلاجه
إعداد: د. تركي سراقبي - اليمن

مَن منّا لا يحبّ المعكرونة (السباكيتي، أي الحبال أو الخيوط الرفيعة) المطبوخة بأشكال مختلفة (بصلصة البندورة أو الطماطم، بالزبادي، بالبيض، بالجبنة إلخ...). ولكنّ جميعنا لا نحبّ هذه الخيوط، أو الخطوط البيضاء القاسية في لحم الفروج (الصدر)، والتي بسببها يستبعد الفروج من الإستهلاك الآدمي في منشآت ذبح الفروج وإعداده (المجازر)؛ ممّا يسبّب خسائر معنوية معتبرة لصناعة الدواجن، ومزارعيها، ومجازرها، وشركاتها.

والحقيقة فقد انصبّ الاهتمام العالمي لمعرفة زيادة حدوث إعتلالات العضلات (Myopathies) في دجاج اللحم الفروج، وهو الحديث في أوائل القرن الواحد والعشرين.

وقد ازداد الاهتمام بأسباب الإعتلالات الرئيسية لأّنها تُصيب شرائح عضلات الصدر، فتصبح غير جذاّبة أو مرغوبة عند المستهلكين، وتُنقص من جودة البروتين وقيمته في منتجات لحوم الدجاج، ونذكر منها:

١. الشرائط العضلية المخطّطة البيضاء (White Striping)، أو لحم الفروج السباكيتي (spaghetti meat)

٢. الصدر الخشبي أو المتخشّب (Woody Breast)

٣. العضلة الصدرية العميقة الخضراء (Green Deep Pectoral Muscle)

٤. اللحم النتحي (المتوذم) الشاحب الطري (soft pale and exudative meat)

ونظراً لأهمّية عضلات الصدر (الفيليه) الاقتصادية، والتي تُشكّل ربع وزن الفروج الحيّ، وثلث وزن الجثّة، ونصف إجمالي البروتين الصالح للإستهلاك الآدمي، فإنّ هذا الإعتلال العضلي، والعيب التجاري يسبّب خسائر كبيرة لمنتج الفروج.

هذا، وقد بلغت نسبة المنسّق من هكذا إصابة في بعض المجازر حوالي 0.7 ٪ من لحوم الصدور. ففي مجزر يُنتج مليون فروج، يبلغ وزن الحيّ من 3.2 إلى 3.6 كجم، يخسر هذا المجزر حوالي طن واحد من هذه الأجزاء المتغيّرة، ووزن مماثل من الشرائح (الفيليه) أسبوعيًّا، ممّا يعني خسائر اقتصادية تصل حوالي 7.000 دولار في الأسبوع، و350.000 دولار في السنة.

وسوف نركّز في هذا المقال على لحم الفروج السباكيتي (spaghetti meat)، وهو، حاليًّا، أحد الإعتلالات العضلية الشائعة في معظم سلالات دجاج اللحم الفروج، والتي تتميّز بتوضّع (ترسّب) الدهن في عضلات صدر الفروج السريع النمو، حيث أنّ زيادة معدّل النمو والحجم يتمّ من خلال عمليات بيوكيميائية متعدّدة في الفروج، تؤدّي إلى نقص الأوكسجين (hypoxia)، وإلتهاب ينتج عنه تشكّل خلايا رغوية (foam cells) من البلعمات الكبيرة (ماكروفيج)، ويتشكّل الدهن على شكل خطوط بيضاء على طول النسيج العضلي ذات تأثيرات سلبية تشمل زيادة المحتوى الدهني، والسعرات الحرارية، ونقص محتوى البروتين؛ إضافة إلى نقص في الإستساغة، واللّذة، وفقدان الكتلة (drip loss). بالإضافة إلى نتيجة تسرّب وارتشاح من الألياف العضلية الذي يؤدّي إلى فقدان الماء، والحديد، والبروتينات منها؛ وبكلمات أخرى، نقص في جودة اللحم، والتي يجب وضع استراتيجيات للتخلّص منها.

ونشير إلى انّ الدراسات لهذه المتلازمة شملت بحوث وراثية، نسيجية، مرضية وبيوكيميائية، ومستويات البيولوجيا الجزيئية. وقد ميّز الباحثون وحدّدوا خلايا، وعلامات جينية، وأنواع جزيئية أخرى تتدخّل في وجود تلك الخطوط البيضاء، مع عدم وجود علاج لها حتى الآن. وشملت الدراسات:

  • كيف تغيّر إنتاج الدواجن عبر السنين، نتيجته تخليق طيور أكبر وبسرعة أكثر.
  • فسيولوجيا النمو العضلي.
  • العمليات المرضية المتوقّعة للخطوط البيضاء.
  • أسباب الخطوط البيضاء.
  • كيف تعرف الخطوط البيضاء، وتُكتشف، وتُقاس.
  • تأثيرات الخطوط البيضاء على جودة اللحم والإنتاج.

الإستراتيجيات المتّبعة لتخفيف الخطوط البيضاء، ونتائج تطبيقاتها.

ونشير إلى أنّ الإستراتيجيات الغذائية يجب أن تشمل المغذّيات والمواد التي تزيد الإلتهاب، وتنقص تجمّع الدهن في الصدر، أو تقدّم خصائص مضادات الأكسدة. إضافة إلى دراسات التي تشمل الفرّوج سريع النمو لجعله أبطأ نموًّا (وهكذا نوع من الفرّوج يربّى حاليًّا في أوروبا،  هو بطيء النمو، يُذبح على عمر ٥٥ يوم تقريباً، ممّا يزيد التكاليف الإدارية). بالإضافة، إلى الإنتقاء الوراثي لسلالات الفروج بدون إعتلالات عضلية، أو تقديم سلالات مبتكرة خالية من الخطوط البيضاء، أو قليلة هكذا خطوط. النتيجة، إعادة فحص تغذية ووراثة الفروج السريع النمو لإنقاص الإعتلالات العضلية المذكورة.

ومن الإستراتيجيات المجرّبة لتجنّب حدوث هذه المتلازمة في الفروج، وآثارها السلبية على نمو الفروج وجودة لحومه إستخدام بعض المضافات العلفية مثل، زيادة الآرجينين المهضوم (يساعد في توسيع الأوعية الدموية ممّا يمدّ العضلات بمصادر أوكسجين أفضل)، وإضافة فيتامين سي (يعمل ضد الجذور المؤكسدة (radicals) لمنع أذى الخلايا وأضرارها)، وزيادة بريمكسات الفيتامين، وإنقاص كثافة الأحماض الأمينية في العليقة التي في طور النمو (يُعتقد أنّه يبطئ نمو العضلات، ممّا يسمح لمزيد من تدفّق الدم في العضلات، وإمكانية إنقاص حدوث الخطوط البيضاء)، وخليط من هذه الإستراتيجيات.

ورأى البعض أنّ إنقاص مستويات اللايسين في العليقة لتخفيف حدوث الخطوط البيضاء حيث يضبط تخليق البروتينات، ويؤدّي أيضاً إلى نقص في النمو. ومن الملاحظ أنّ تغذية الفروج بـ ٨٥٪ لايسين أقلّ من المطلوب أصلاً أنقص حدوث الخطوط البيضاء، وقلّل من حدوث أذًى في الأنسجة العضلية. وقد شوهدت نتائج مشابهة في دراسة أخرى، حيث أنّ إنقاص اللايسين (بين ٧٥ و٨٥٪) في مراحل معيّنة من النمو (من ١٨ إلى ٢٦ يوماً) و(من ٢٨ إلى ٤٠ يوماً) أنقص شدّة الخطوط البيضاء عند عمر ٤٨ و٦١ يوماً. إنّ إضافة المثيونين كبديل مع حبوب اللوبياء المحمّصة، وكسبة بذور دوار الشمس أيضاً بين إرجاع مكوّنات (PPARG, PTGS2 and CD36) في عملية حدوث الخطوط البيضاء من خلال التعبير في المجموعات. وعموماً، لا يوجد حلّ منفرد للخلاص من ظاهرة الخطوط البيضاء، ذلك لوجود عوامل عدّة تؤدّي إلى حدوث هذه الظاهرة المرضية.

بالإضافة إلى ذلك، أنّ فيتامين (د) يتدخّل بشكل الملائم في العمليات التي تضمن إصلاح العضلات، من خلال الخلايا القمرية (satellite cells) الداعمة لتشكّل خلايا عضلية جديدة بدلاً من النسيج الضام. وإن نبات (Solanum glaucophyllum) قد يدعم وظيفة (الميتاكوندريا)، ويمكّنها من تقديم طاقة كافية للخلايا، والتغلّب بكفاءة على الأنواع المؤكسدة التي تنتج، بشكل عرضي من دورة الطاقة الخلوية.

والمهمّ في كلّ ذلك، أن يتنبّه أصحاب الشأن وصنّاع الدواجن وينتجوا لحم فرّوج جيّد خالٍ من الإعتلالات العضلية، لذيذ الطعم، جذّاب المنظر، غني البروتين، ناقص الدهن.

January 2025
S M T W T F S
29 30 31 1 2 3 4
5 6 7 8 9 10 11
12 13 14 15 16 17 18
19 20 21 22 23 24 25
26 27 28 29 30 31 1

913 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع